للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حق التقاضي مكفول للجميع]

تؤكد النصوص الشرعية أن لكل فرد الحق في أن يدعي ليطال بحق يرى أنه يستحقه، ففي بعض المواقف نجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلبي -بدون أدنى غضاضة- طلب من أراد القصاص منه، فقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري١ قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم شيئا إذ أكب رجل، فطعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرجون كان معه، فصاح الرجل، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تعال فاستقد" قال: بل عفوت يا رسول الله.

وفي غزوة بدر الكبرى وقف -صلى الله عليه وسلم- بين الصفوف يعدلها بقضيب في يده فمر برجل يدعى سواد بن غزية حليف بني النجار، وهو خارج من الصف، فضربه بالقضيب في بطنه وقال: استقم يا سواد، فقال: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثت بالحق والعدل أقدني من نفسك "أي: اجعلني أقتص منك"، فكشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بطنه وقال: "استقد يا سواد"، "أي: اقتص مني" فاعتنقه سواد وقبل بطنه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما حملك على ذلك"؟ , فقال: يا رسول الله قد حضر ما ترى, فأردت أن يكون آخر العهد أن يمس جلدي جلدك، فدعا له بخير٢.

ورو ابن كثير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على الناس في مرضه الذي توفي فيه، فقال: "أيها الناس، ألا من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت


١ نقلا عن الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج٧، ص٦٣٤، دار الشعب.
٢ نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، للشيخ محمد الخضري، ص١١٤, ١١٥.

<<  <   >  >>