للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرط الثالث من شروط صحة الحكم في الدعوى]

أن يكون المدعى به مما يحتمل الثبوت:

يشترط لصحة الدعوى أن يكون المدعى به قابلا للثبوت، بأن لا يكون مستحيلا في الحس، أو في العقل، أو في العادة؛ لأن الدعوى تكون في حال المستحيل المادي ظاهرة الكذب مع احتمال الصدق احتمالا بعيدا، وفي حال المستحيل الحسي والعقلي متيقنة الكذب، فلا تحتمل الصدق بأي حال من الأحوال.

مثال المستحيل العقلي ادعاؤه أن شخصًا ابنه، مع أنه لا يولد مثله لمثله، كأن كان المدعي في الأربعين من عمره، والمدعى بنوته في الخامسة والثلاثين من عمره.

ومثال الدعوى بالمستحيل الحسي ادعاؤه مثل الجبل ذهبا أو فضة.

ومثل بعض العلماء للدعوى بالمستحيل العادي بدعوى من هو معروف بالفقر والحاجة -وهو يأخذ الزكاة من الأغنياء- على آخر أنه أقرضه من مال نفسه مائة ألف دينار ذهبا، نقدا، دفعة واحدة، وأنه استهلكها في شئون نفسه بعد أن استقرضها وقبضها، ويطالبه برد بدلها فيرى بعض العلماء أن مثل هذه الدعوى لا يلتفت إليها القاضي، ولا يسأل المدعى عليه عن جوابها١.

وأرى أن مثل هذه الدعوى لا مانع من سماعها؛ لأنه في بعض الأحيان تدل ظواهر الأمور على خلاف الحقيقة والواقع، فربما كان هذا الذي ظاهره الفقر والاحتياج غنيا في واقع الأمر، فما المانع من سماع دعواه والتحقيق فيها، ومطالبته بالبينة.


١ المجاني الزهرية، على الفواكه البدرية، ص١٠٥.

<<  <   >  >>