إذا ادعى شخصان عينا تحت يد شخص ثالث وهو منكر لها، وأقام كل منهما بينة على أنها ملكه، وكانت كل من البينتين مطلقة التاريخ، أو كانتا متفقتين، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة، سقطت البينتان كما يقول الشافعية، لتناقض موجبيهما، فيكونان في هذه الحال أشبه بالدليلين إذا تعارضا ولا يوجد ما يرجح أحد الدليلين على الآخر.
وعلى هذا يصح الأمر كأنه لا يوجد بينة، ويصار إلى التحالف، فيحلف الثالث لكل منهما يمينا، هذا هو الرأي القوي في فقه الشافعية.
ويوجد قول ضعيف للشافعي -رضي الله عنه- أن البينتين لا تسقطان بل تستعملان صيانة لهما عن الإلغاء بقدر الإمكان.
فعلى هذا الرأي الأخير يلزم نزع العين ممن هي في يده؛ لاتفاق البينتين على أن هذه العين ليست لواحد معين.
لكن ما هو التصرف الذي يفعل على هذا الرأي؟ اختلفت الأقوال التي نقلت عن الشافعي -رضي الله عنه، ففي قول له تقسم العين بينهما، أي: يكون لكل منهما نصفها، وفي قول آخر يقرع بينهما ويرجح من خرجت له القرعة، وفي قول ثالث توقف العين بينهما حتى يتبين الأمر فيها، أو يصطلحا على شيء.
إذا كانت العين في يدهما:
إذا كانت العين في يد شخصين, وأقام كل منهما بينة بقيت العين في يدهما كما كانت أولا؛ لأن البينتين لما تعارضتا تساقطتا، فإنه ليس أحد المدعين أولى بالعين من الآخر.
إذا كانت العين في يد أحدهما:
إذا كانت العين في يد أحدهما، فأقام غيره بينة بملكيته لهذه العين، وأقام هو بينة، قدمت بينة صاحب اليد؛ لأنهما مستويان في إقامة البينة، ولكن بينته ترجحت بكون هذه العين تحت يده، فيقضي له بها، كما لو تعارض حديثان أحدهما يؤيده القياس١.