للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جواز التحكيم، وعللوا لهذا بأن التحكيم فيه افتئات١ على رئيس الدولة ونوابه، فلا يجوز لهذا المعنى.

وقد أجيب على هذا بأن المحكم ليس له سلطة الحبس، ولا استيفاء عقوبة لإنسان ثبت عنده ما يستوجبها، لئلا يخرق أبهة رئيس الدولة ولا نوابه، وعلى هذا فلا يتحقق هذا الافتيات عليهم.

ويوجد رأي ثالث لبعض فقهاء الشافعية، يقول بجواز التحكيم بشرط عدم وجود قاض بالبلد؛ لأنه في هذه الحال توجد الضرورة المجيزة لذلك، أما إذا كان بالبلد قاض فلا يجوز التحكيم لعدم وجود الضرورة٢.

دليل القائلين بمشروعية التحكيم:

استدل القائلون بمشروعية التحكيم بالكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول، أما الكتاب الكريم فقول الله تبارك وتعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} ٣.

وأما السنة الشريفة، فيما روي أن أبا شريح قال: يا رسول الله، إن قومي إذا اختلفوا في شيء فأتوني، فحكمت بينهم فرضي عني الفريقان، فقال -صلى الله عليه وسلم: "ما أحسن هذا" رواه النسائي، والبيهقي٤. ولو لم يكن التحكيم مشروعا لما


١ الافتئات على الحاكم هو تجاوز الحدود، والتعدي، واغتصاب السلطة.
٢ نهاية المحتاج، ج٨، ص٢٤٢.
٣ سورة النساء، من الآية: ٣٥، وهي بتمامها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} .
٤ السنن الكبرى، للبيهقي، ج١٠، ص١٤٥، والنسائي، ج٨، ص١٩٩.

<<  <   >  >>