للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: وأما المناقشة بتخصيص العموم في الآية بما ورد فيها من أحكام تتعلق بولاية الزوج على زوجته، فأجيب عنها بأن ذلك من باب إفراد فرد من أفراد العام فلا يكون مخصصا للعام, ومعنى إفراد فرد من أفراد العام تخصيص بعض العام بالذكر، أو بعبارة أخرى النص على واحد مما تضمنه, وحكم عليه بالحكم الذي حكم به على العام وهذا لا يكون مخصصا للعام، عند جمهور العلماء، مثال ذلك، قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب ١ دبغ فقد طهر" مع قوله -صلى الله عليه وسلم- في شاة ميمونة٢: "ألا استمتعتم بإهابها فإن دباغ الأديب طهور".

والدليل على أن إفراد فرد من أفراد العام، أي: تخصيص البعض بالذكر لا يكون مخصصا للعام، أن الحكم على الواحد لا ينافي الحكم على الكل؛ لأنه لا يوجد منافاة بين بعض الشيء وكله، بل الكل محتاج إلى بعضه، وإذا لم توجد المنافاة لا يوجد التخصيص؛ لأن المخصص لا بد أن يكون منافيا للعام٣.

ثالثا: وأما المناقشة الثالثة فحاصلها يرجع إلى معارضة الدليل بقياس الولايات العامة على الولاية الخاصة، وهذا قياس باطل؛ لأن الولاية الخاصة -كالتصرف في ريع دار موقوفة، أو الإشراف على مال يتيم ورعاية شئونه- يكفي فيها مجرد القدرة، أما الولاية العامة فإنها تحتاج إلى قدرة عالية تتناسب مع كثرة أعباء هذه الولاية وتشعبها، وعمومها، ومن الواضح أن من يستطيع أن يقوم بعمل خاص


١ الإهاب: الجلد قبل الدبغ.
٢ بين العلماء أن سبب الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى شاة ميتة لإحدى زوجاته وهي أم المؤمنين ميمونة -رضي الله عنهن جميعا، فقال -صلى الله عليه وسلم: "ألا استمتعتم بإهابها، فإن دباغ الأديم طهور" سبل السلام للصنعاني، ج١، ص٣٠.
٣ شرح الأسنوي على منهاج الوصول في علم الأصول، ج٢، ص١٣٣.

<<  <   >  >>