للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ولاها أحد من الخلفاء الراشدين ذلك، ولا من بعدهم، ولو جاز ذلك لما خلا منه الزمان غالبا١.

دليل رأي الحنفية:

أما الحنفية وهم القائلون بأن لا يجوز تولية المرأة القضاء، لكن لو وليت وحكمت في بعض القضايا، فإنه -مع إثم من ولاها- لا ينفذ قضاؤها إلا في الأمور التي تصح فيها شهادتها، مثل: مسائل الرضاع، والولادة، والأموال وما ماثل هذا، وهي ما عدا مسائل الحدود والقصاص، فقد استدلوا على عدم جواز توليتها القضاء بالأدلة التي استدل بها جمهور العلماء، وكان مقتضى هذا أن تكون هذه الأدلة أيضا دالة على عدم صحة توليها القضاء، إلا أنهم استدلوا على صحة قضائها في غير مسائل الحدود والقصاص، أي: نفاذ حكمها -مع إثم من ولاها- بأن القضاء يشارك الشهادة في باب الولاية، والمرأة يصح لها أن تشهد في غير الحدود والقصاص، فيصح أن تكون قاضية في غير الحدود والقصاص٢.

مناقشة استدلال الحنفية:

أجيب عن هذا الاستدلال بأمرين:

الأول: أن الولاية في الشهادة تغاير الولاية في القضاء، وهذا يستلزم أن تكون الأهلية في الشهادة مغايرة للأهلية في القضاء.

فمع أن كلا من القضاء والشهادة ولاية إلا أن الولاية في القضاء عامة شاملة، والولاية في الشهادة ليس فيها العموم والشمول بل هي خاصة قاصرة،


١ محاضرات في علم القضاء، مصدر سابق، ص٦٣.
٢ فتح القدير، ج٧، ص٢٩٢، ٢٩٨، ولسان الحكام، ص٢٤, أما قول الحنفية بأن لا ينفذ قضاء المرأة في القصاص والحدود فيستند إلى القياس الأولوي على الشهادة.
نظام القضاء في الإسلام، مصدر سابق، ص٤١.

<<  <   >  >>