للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرورة القضاء وسموه وخطره:

ضرورة القضاء:

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه الذي فطره الله عليه، لا يستطيع العيش -في يسر- منفردا، فلا تستقيم حياته إلا إذا عاش في جماعة، وإذا كان الناس لا يستطيعون الحياة الكاملة إلا مجتمعين، فلا بد أن تحدث نزاعات وخلافات حول الكثير من الأمور، لتعارض المصالح والرغبات، ولحب السيطرة، والاستيلاء على ما هو من حقوق الغير، وضن النفوس بحقوق الآخرين, فإذا لم يوجد رئيس لهذه الجماعة يكون حاسما للتنازع والتواثب، وظلم الناس بعضهم لبعض، ومؤديا الحقوق إلى أصحابها، أدى ذلك إلى حدوث ضرر جسيم، قَلّ أن يسلم منه أحد من أفراد الجماعة، ولذلك كان من الواجبات التي أوجبها الشرع -بإجماع العلماء- إقامة رئيس للدولة، لكي يحقق العدل ويمنع ظلم

البعض للبعض، ويؤكد شرع الله؛ لأن طبائع البشر قد جبلت على التظالم، وقَلّ من الناس من ينصف من نفسه, فلا بد من وجود سلطة قادرة قاهرة لها السيادة على الجميع تمنع المظالم وتقطع المنازعات التي هي مادة الفساد، وهذه السلطة تتمثل في رئيس الدولة.

رئيس الدولة مشتغل بما هو أهم من القضاء:

ومن المعلوم أن الرئيس الأعلى للدولة، مشتغل بما هو أهم من القضاء، ولا يستطيع أن يقوم بنفسه بكل الأمور التي نصب من أجلها، فهو يحتاج إلى من ينوب عنه ويقوم مقامه، فكان لا بد من وجود القاضي لينوب عن رئيس الدولة في رفع الظلم وإيصال الحقوق إلى أربابها، وكل ما هو من مصالح الناس، ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبعث القضاة إلى الآفاق، فبعث معاذ بن جبل

<<  <   >  >>