اشترط العدالة في القاضي أكثر العلماء، فأكثر العلماء ومنهم الشافعية والمالكية في المشهور في مذهبهم، والحنفية في رواية، والحنابلة والشيعة الإمامية، والزيدية يرون أنه لا تصح ولاية الفاسق القضاء, ولا ينفذ حكمه حتى لو صادف الحق١.
رأي الحنفية في ظاهر المذهب:
ويرى الحنفية في ظاهر المذهب عندهم أن العدالة ليست شرطا من شروط جواز التولية، ولكنها شرط من شروط الكمال، أي: الأفضل والأكمل أن يكون القاضي عدلا، ولو قلد الفاسق صح في ظاهر المذهب, وعليه أن يحكم بفتوى غيره، ولكنهم يرون أنه لا ينبغي أن يقلد القضاء؛ لأن القضاء أمانة عظيمة، وهي أمانة الأموال والأبضاع والنفوس، فلا يقوم بوفائها إلا من كان كاملا في الورع والتقوى، إلا أنه مع هذا لو قلد هذا المنصب جاز التقليد في نفسه وصار قاضيا.
فإن كان في الرعية عالم تحققت فيه صفة العدالة، فلا يحل شرعا عند الحنفية تولية من ليس كذلك، لكن لو ولي صحت توليته، وتنفذ قضاياه إذا لم يجاوز حد الشرع، كشهادة الفاسق عندهم لا يجوز قبولها، لكن لو قبلت شهادته نفذ الحكم بها مع وقوع القاضي في الإثم لقبولها.
هذا هو ظاهر المذهب عند الحنفية -كما قلنا- وقد اختار الطحاوي أحد
١ شرح فتح القدير لابن الهمام، ج٧، ص٢٥٣، ومواهب الجليل للحطاب، ج٦، ص٨٧، ونظام القضاء في الإسلام، ص١٦، وشرائع الإسلام للحلي، ج٤، ص٦٧، ووسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة للحر العاملي، ج١٨، ص٢. والبحر الزخار لأحمد بن يحيى بن المرتضى، ج٦، ص١١٩.