للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المدعى عليه، والمقر من المقر له، والشاهد من المشهود عليه، وقال بعض العلماء إن من يرى أشباح الأشخاص ولا يعرف الصور هو في معنى الأعمى، فلا يصح توليته، لكن إذا كان بحيث لو قربت منه عرفها صح توليته القضاء.

ولو كان يبصر نهارا فقط جاز توليته، وأما الذي لا يبصر نهارا ويبصر ليلا فقط، فقال الأذرعي من فقهاء الشافعية: ينبغي منعه.

ويرى بعض فقهاء الشافعية أنه يجوز أن يكون القاضي أعمى١، وعلل لهذا الرأي بأن شعيبا عليه الصلاة والسلام كان أعمى.

ويجاب عن هذا بأن البصر مشروط في الشاهد فمنع فقده ولاية القضاء بالقياس على الشهادة؛ لأن منصب الشهادة دون منصب القضاء، والشاهد يشهد في بعض الأشياء اليسيرة التي يثبت الاحتياج إليه فيها، وربما أحاط بحقيقة علمها، والقاضي ولايته عامة، ويحكم في قضايا الناس عامة، فإذا لم تقبل الشهادة من الأعمى، فيكون القضاء أولى في عدم القبول.

وما ذكره أصحاب الرأي القائل بجواز أن يكون القاضي أعمى عن شعيب لا نسلمه، فإنه لم يثبت أنه كان أعمى، بل حتى على فرض أنه كان كذلك فلا يلزم ههنا؛ لأن الناس الذين آمنوا مع شعيب عليه السلام كانوا قليلين، وربما لا يحتاجون إلى حكم بينهم، لقلة عددهم وتناصفهم، فلا يكون هذا حجة في مسألتنا٢، وهذا كله على التسليم بأن شرع من قبلنا شرع لنا، لكن هذه مسألة اختلف حولها الأصوليون، فليست محل اتفاق، ويمكن أن يقال: إن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا إلا إذا قام دليل في شريعتنا يلزمنا به.


١ تكملة المجموع لمحمد نجيب المطيعي، ج٩، ص١١٧.
٢ الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص٣٨٧.

<<  <   >  >>