للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحيح- فإنه يمكن أن تنطبق صفة الاجتهاد الجزئي على العديد من علماء الفقه الإسلامي المعاصرين, وإن كانوا قلة بالنسبة إلى باقي العلماء.

وكذلك يمكن أن يكون بين الفقهاء المعاصرين من هو مجتهد اجتهاد مذهب، ومن هو مجتهد اجتهاد فتوي.

لكن الاجتهاد المطلق غير المجزأ، وهو الذي يكون العالم عنده الملكة العلمية التي تؤهله لأن يستنبط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية في كل أبواب الشرع، وليس متخصصا في مسألة معينة، أو باب معين من أبواب الفقه كعلماء الصحابة، وأئمة المذاهب الفقهية الأربعة المشتهرة، فلا أعلم أن أحدا من علماء الفقه الإسلامي المعاصرين في مصر وغيرها من البلاد العربية أو الإسلامية أو غيرها يصح أن تنطبق عليه هذه الصفة.

والكثيرون من علماء الأمة الإسلامية الآن ليسوا مجتهدين، لا اجتهادا مطلقا ولا اجتهاد مذهب، ولا اجتهاد فتوي، وإنما الصفة العلمية التي يصح أن يتصفوا بها هي أنهم علماء مخبرون عن فتوى، أو نقلة فتوى؛ لأنهم ينقلون فتاوي المجتهدين السابقين في شتى الموضوعات، ولم يتدخلوا باجتهاد في استنباط الحكم الشرعي، فهم فقط يحكون الفتوى عن غيرهم من الأئمة المجتهدين، وليس لهم حق الفتوى؛ لأن الفتوى حق المجتهد بأنواعه الثلاثة، قال الفقهاء المتقدمون: إنه لا يفتي من ليس من أهل الاجتهاد إلا أن يخبر بما سمع، فلم يجعل ذلك من باب الفتوى، وإنما هو إخبار عن فتوى صاحب المقالة عند الضرورة لعدم المجتهد الذي تجوز له الفتوى١.

وسئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن فتوى المقلد فأجاب بأنه حامل فقه


١ المنتقى شرح موطأ مالك، للباجي، ج٥، ص١٨٣.

<<  <   >  >>