للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال بهذا النص الكريم أن من لم تتوفر فيه صفة الاجتهاد فإنه لا يرى شيئًا١.

ثالثا: ما رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا حكم الحاكم ٢ ثم أصاب فله أجران، فإذا حكم واجتهد ثم أخطأ٣ فله أجر" ٤.

أدلة القائلين بعدم اشتراط الاجتهاد:

يستدل لهذا الرأي بما يأتي:

أولا: أن الغرض من القاضي أن يفصل في الخصومات، وأن يوصل الحقوق إلى من يستحقها، فإذا أمكنه ذلك بعلم غيره، بأن يرجع إلى فتوى غيره من العلماء جاز قضاؤه٥، كما يحكم بقول المقومين في الأمور التي تحتاج إلى تقويم الخبراء٦، فإن من المسلم به أن القاضي يستعين في القضايا التي تحتاج إلى رأي الخبراء والمختصين برأي هؤلاء، ويحكم بناء على ما أبدوه من رأي, ومثل هذا حكمه في القضايا مستيقنا بعلم غيره من العلماء المجتهدين، فكما جاز له أن يحكم


١ المنتقى شرح موطأ مالك، ج٥، ص١٨٣، وسبل السلام، ج١، ص١١٧.
٢ أي: إذا أراد أن يحكم بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك: "فاجتهد" فإن الاجتهاد إنما يكون قبل الحكم، وهذا مثل قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ، وهي آية الوضوء ومعناها إذا أردتم القيام إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم. الآية.
٣ أي: لم يوافق ما هو عند الله تعالى من الحكم.
٤ سبل السلام، ج٤، ص١١٧ والمنتقى شرح موطأ مالك ج٥، ص١٨٣.
٥ بدائع الصنائع، ج٧، ص٣.
٦ المغني، ج٩، ص٤١.

<<  <   >  >>