للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبين غيرهم.

ولمكانته السامية الجليلة تولاه الرسل فحكموا بين الناس، وولوه غيرهم، قال تبارك وتعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} ١، وقال عز وجل لرسوله -محمد -صلى الله عليه وسلم: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ٢. وقد ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعث القضاة إلى النواحي، فبعث معاذ بن جبل إلى اليمن، وعتاب بن أسيد إلى مكة.

وقد بين فقهاؤنا -رضي الله عنهم- أن شريعة الإسلامة توجب وجود القضاء في المجتمع، ووضحوا الشروط التي لا بد من توافرها فيمن يتولى هذا الأمر الخطير، هذه الشروط التي استنبطوها من القرآن، والسنة، وغيرهما من مصادر التشريع الإسلامي، وتكلموا عن طرق الإثبات أمام القاضي، وعما يجب على القاضي اتباعه عند نظره القضايا وفصله فيها، وعن أمور أخرى تتصل بهذا المنصب الجليل، وآمل أن يكون هذا البحث إسهامًا بسيطًا في خدمة الفقه الإسلامي، وإضافة لبنة صغيرة إلى هذا الصرح الشامخ, والتراث الجليل الذي ورثناه عن فقهائنا العظام، وأدعو الله -عز وجل- أن يثيبني على ما بذلت فيه من جهد المقل، وأن يغفر لي إن أخطأت في فهم حكم، أو ترجيح رأي من آراء علمائنا على رأي آخر.

وقد خططت ليكون هذا البحث في مقدمة، وأربعة فصول.


١ سورة ص، الآية رقم ٢٦.
٢ سورة النساء، الآية رقم ٦٥.

<<  <   >  >>