للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعا: أن لا يكون ضعيفا مهينا؛ لأنه إذا كان بهذه الصفة تجرأ الخصمان أمامه بالشتائم وذكر السخف، بل ربما تجرآ عليه توقحا واستخفافا، فيستحب أن يكون شديدا من غير عنف، لينا من غير ضعف١.

وبعد، فنحب في ختام الكلام عن شروط القاضي أن نذكر ما قاله أبو علي الكرابيسي صاحب الشافعي في كتاب "آداب القضاء" له٢، وهو بيان لمتى يستحق الشخص أن يكون قاضيا، قال الكرابيسي: "لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافا أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين من بان فضله وصدقه، وعلمه، وورعه، قارئا لكتاب الله، عالما بأكثر أحكامه، عالما بسنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حافظا لأكثرها، وكذا أقوال الصحابة، عالما بالوفاق والخلاف، وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم، يتبع في النوازل الكتاب، فإن لم يجد فالسنن، فإن لم يجد عمل بما اتفق عليه الصحابة, فإن اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن, ثم بالسنة, ثم بفتوى أكابر الصحابة

عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم، والمشاورة لهم، مع فضل وورع، ويكون حافظا للسانه، وبطنه وفرجه، فهما بكلام الخصوم، ثم لا بد أن يكون عاقلا مائلا عن الهوى"، ثم قال الكرابيسي: "وهذا وإن كنا نعلم أنه ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات، ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم".


١ نهاية المحتاج، ج٨، ص٢٤٤.
٢ نقلا عن فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، ج١٣، ص١٥٦.

<<  <   >  >>