للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاضرا١.

خامسا: ما روته عائشة زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنها، قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" ٢.

فقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لها أن تأخذ من مال أبي سفيان، وهذا قضاء عليه في غيابه.

الإجابة عن حديث هند:

أجاب القائلون بعدم جواز الحكم على الغائب عن الاستدلال بحديث هند، بأن هذا الحديث لا يدل لمخالفيهم؛ لأن ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهند لم يكن قضاء، وإنما كان فتوى، أو إعانة لها على أخذ ماله، قالوا: لأن هندا لم تدع الزوجية، ولم تقم البينة٣.

ومع أن الإمام النووي -رضي الله تعالى عنه- من فقهاء الشافعية فإنه لا يوافق على الاستدلال بحديث هند على صحة القضاء على الغائب؛ لأن قضية هند كانت بمكة، وكان زوجها أبو سفيان حاضرا بها لا غائبا عنها، وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبا عن البلد، أو مستترا لا يقدر عليه، أو متعززا، وهذا الشرط غير متحقق في هذه القضية؛ لأن أبا سفيان موجود فالحكم عليه ليس غيابيا، فلا يكون هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضاء على الغائب، وإنما هو إفتاء منه -صلى الله عليه وسلم-٤ أي: إن هندا جاءت طالبة للفتوى وليست طالبة لأن يقضي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على زوجها أبي سفيان.


١ المغني، ج١١، ص٤٨٥، والمحلى لابن حزم، ج٩، ص٣٦٩.
٢ صحيح مسلم، بشرح النووي، ج١٢، ص٧.
٣ شرح الكنز لمحمود العيني، ج٢، ص٩١، والمهذب للشيرازي، ج٢، ص٣٠٣.
٤ صحيح مسلم، بشرح النووي، ج١٢، ص٨.

<<  <   >  >>