للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمعت كلام الآخر علمت كيف تقضي" رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي بمعناه، وقال فيه الترمذي، هذا حديث حسن صحيح. فسماع كلام الآخر مستلزم لحضوره.

مناقشة الاستدلال بالحديث:

أجاب المخالفون عن الاستدلال بهذا الحديث بأنا نقول به إذا تقاضى إليه رجلان لم يجز الحكم قبل سماع كلام كل منهما، وهذا يقتضي أن يكونا حاضرين، ويفارق الحاضر الغائب، فإن البينة لا تسمع على حاضر إلا بحضرته، والغائب بخلافه.

قال ابن حزم بعد فرض أن هذا الحديث وما يفيد معناه صحيح: "لو صحت الأخبار لما كان لهم بها متعلق أصلا؛ لأنه ليس فيها أن لا يقضي على غائب، بل فيها أن لا يقضي على حاضر بدعوى خصمه، دون سماع حجته، وهذا شيء لا نخالفهم فيه، ولا يجوز أن يقضي على حاضر ولا غائب بقول خصمه، لكن بالذي أمر الله تعالى به من البينة العدلة فقط"١.

ثالثا: ما روي عن عمرو بن عثمان بن عفان، قال: أتى عمر بن الخطاب رجل قد فقئت عينه، فقال له عمر: تحضر خضمك، فقال له: يا أمير المؤمنين أما بك من الغضب إلا ما أرى؟ فقال له عمر: فلعلك قد فقأت عيني خصمك معا، فحضر خصمه قد فقئت عيناه معا، فقال عمر: إذا سمعت حجة الآخر بان القضاء.

قال المستدلون بهذا: ولا يعلم لعمر بن الخطاب في ذلك مخالف من


١ المحلى لابن حزم، ج٩، ص٣٦٨.

<<  <   >  >>