للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدولة أو من يمثله أن يوليه القضاء, ويتعين عليه أن يقبل هذا المنصب إذا ولاه؛ لأن القضاء فرض كفاية، ولا يستطيع أحد غيره أن يقوم به، فيتعين عليه كأي فرض آخر من فروض الكفايات إذا لم يوجد من يستطيع القيام به إلا واحد.

إذا لم يكن معروفًا عند رئيس الدولة:

وإذا لم يكن معروفا عند رئيس الدولة, أو من يقوم مقامه في تولية القضاة، لزمه أن يعرفه بنفسه، ويعرض نفسه عليه لتولي القضاء؛ وذلك لأن هذا المنصب يجري مجرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولو لم يكن يصلح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا واحد وجب عليه ذلك.

لرئيس الدولة إجباره على تولي هذا المنصب:

وقد صرح بعض العلماء بأن لرئيس الدولة أن يكره من يعلم قدرته على القضاء لتولي هذا المنصب الخطير؛ وذلك لأنه لا بد أن تصل الحقوق إلى أربابها بإلزام المانعين منها، ولا يكون ذلك إلا بواسطة القضاء.

هذا وقد صرح فقهاء المالكية بأنه يجب قبول القضاء على الذي تتوافر فيه شروط القضاء, ويخاف فتنة على نفسه أو ماله أو ولده، أو على الناس إن لم يتول هو القضاء، أو يخاف ضياع الحق له أو لغيره إن لم يتوله، بل قالوا إنه يلزمه أن يطلب توليته القضاء من الحاكم, إن لم يطلب منه الحاكم توليه١.

الحال الثالثة: حرمة تولي القضاء، وهي حال ما إذا كان الشخص لا يحسن القضاء، ولم تجتمع فيه الشروط المطلوبة، فهذا يحرم عليه أن يقبل هذا المنصب.

دليل هذا:

يدل على هذا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين أن من يقضي بين الناس على جهل معذب في النار، يقول -صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار"، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الحاكم٢.


١ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج٤، ص١٣٠, ١٣١.
٢ سبل السلام، للصنعاني، ج٤، ص١١٥، والمغني لابن قدامة، ج٩، ص٣٥. وتكملة المجموع لمحمد نجيب المطيعي، ج١٩، ص١١٠, ١١١.

<<  <   >  >>