للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إقرار السكران المتعدي بسكره:

واختلف العلماء في إقرار السكران الذي تعدي بسكره على رأيين:

الرأي الأول: يرى جمهور فقهاء الشافعية أنه يصح الإقرار منه، حتى لو كان السكر طافحًا عليه بحيث يسقط كالمغمى عليه، مع أنه عندهم غير مكلف في هذه الحالة، فالإقرار منه صحيح عندهم كبقية تصرفاته له وعليه.

وقد عللوا رأيه هذا بالتغليظ عليه؛ لأنه ارتكب معصية بإزالة عقلة، فجعل كأنه لم يزل١.

الرأي الثاني: يرى فريق آخر من العلماء أنه لا يصح الإقرار من السكران، وهذا الرأي يراه الإمام أحمد بن حنبل في قوله الأخير، بعد أن كان يفتي بنفوذ طلاقه، ويراه من الحنفية الطحاوي، والكرخي، وحكي عن أبي يوسف، وزفر، ويراه من الشافعية المزني، وابن سريح، وجماعة ممن اتبعهما، واختاره الجويني، ويرى ابن قيم الجوزية أن الصحيح أنه لا عبرة بأقوال السكران، من طلاق، ولا عتاق، ولا بيع، ولا هبة، ولا وقف، ولا إسلام، ولا ردة، ولا إقرار، وقد استدل لهذا الرأي بعدة أدلة منها:

أولا: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} .


١ مغني المحتاج، ج٣، ص٢٧٩، وحاشية الباجوري على شرح ابن قاسم مبحث الإقرار، ص٢٠٤.

<<  <   >  >>