للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-واللفظ له- من حديث أبي سعيد قال: "لما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع، فوالله ما أوسقناه ولا حفرنا له، ولكنه قام لنا، قال أبو كامل وهو الجحدري: فرميناه بالعظام، والمدر، والخزف، فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت" فدل هذا على أنه إنما فر إلى المحل الذي توجد فيه الحجارة التي تسرع في القتل.

"وهكذا لا يصح الاستدلال بما أخرجه أبو داود عن بريدة قال: "كنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما، أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، فإنه رجمهما بعد الرابعة".

ثم قال الشوكاني بعد ذلك: وعلى كل حال ليس التحدث الواقع بينهم مما تقوم به الحجة؛ لأنه مجرد حدس، وبهذا تعرف أنه لا دليل على أن الرجوع عن الإقرار يسقط به الحد، وقد حصل المقتضى بالإقرار فلا يسقطه إلا بدليل يدل على سقوطه دلالة بينة ظاهرة".

انتهى كلام الشوكاني في الدفاع عن رأيه، لكننا نسأل: وماذا نقول في الرواية التي رواها أبو داود١ التي بينت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه" ألا تدل هذه الرواية للرأي الآخر؟ وأليس هذا -كما يقول ابن عبد البر- أوضح دليل على أنه يقبل رجوعه٢.


١ نيل الأوطار، ج٧، ص٢٦٩.
٢ مغني المحتاج، ج٤، ص١٥٠.

<<  <   >  >>