للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا، ومع أن جمهور العلماء يرون أن البينة مرادفة للشهود, فإنهم لا يقصدون أن وسائل الإثبات منحصرة في الشهادة، بل إن مرادهم أن البينة إذا أطلقت لا تنصرف إلا إلى الشهادة، مع وجود وسائل أخرى للإثبات تكلموا عنها كالإقرار، وعلم القاضي، وغيرهما، إلا أن هذه الوسائل لا تسمى عندهم بينة، وإنما يسمونها بأسمائها١.

والشهادة إحدى وسائل الإثبات في النظام القضائي الإسلامي بالإجماع، وهي في اللغة الإخبار بصحة الشيء عن مشاهدة وعيان، لا عن تخمين وحسبان بحق على آخر، ولهذا قال بعض العلماء إنها مشتقة من المشاهدة التي تنبئ عن المعاينة، وبعض آخر يرى أنها مشتقة من الشهود بمعنى الحضور، روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" أي: حضرها، ويقال: فلان شهد الحرب، أو شهد قضية كذا أي: حضرها.

وقد سمى الشهود بينة لحصول البيان بقولهم، وارتفاع الإشكال بشهادتهم، فالشهود يتبين بهم الحق أي: يظهر الحق بشهادتهم، ومن المعلوم أن تبين الحق إنما يكون بعد أداء الشهود لشهادتهم، فهم قبل أداء الشهادة شهود، وبعد أدائها بينة، ولكن أيضًا يسمون شهودا بعد الأداء باعتبار ما كان، ويسمونه بينة قبل الأداء باعتبار ما يئول إليه٢.


١ من طرق الإثبات، للدكتور أحمد البهي، ص١١، ١٢.
٢ حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم، مبحث الإقرار، ص٢٠٢، وأنيس الفقهاء، للشيخ قاسم القونوي، ص٢٣٥، الطبعة الأولى وحاشية الشرقاوي، على شرح التحرير لزكريا الأنصاري، ج٢، ص٥٠٩.

<<  <   >  >>