للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاحتكام إلى شيخ القبيلة والعراف، والكاهن١:

كان يرأس القبيلة واحد من أبنائها تعتمد عليه في قيادتها في معاركها المتعددة التي تخوضها ضد القبيلة الأخرى نهبا لما لديها، أو استردادًا لحق انتزعته الأخرى منها.

وكان شيخ القبيلة حكما بين الناس في منازعاتهم وخلافاتهم، يلجئون إليه بوصفه رمزًا للسلطة والحكم.

وكان الناس أيضا يلجئون إلى العراف والكاهن للاستشارة في الأمور المغيبة.

لم يكن للحكام قانون مدون:

الحكام الذين كان يقصدهم الناس للفصل في قضاياهم لم يكونوا يحكمون بقانون مدون، وإنما يرجعون إلى عرفهم وتقاليدهم التي كونتها تجاربهم أحيانا، وما وصل إليهم عن طريق اليهودية أحيانًا٢.

وكان الحكم فيها يجري أحيانا بتوجيه من الغريزة والفطرة٣. يرتضون نظام يتفق ومفاهيمهم السازجة، فيصير بمرور السنين عرفا، لا يستطيع فرد أن يغير منه شيئا بسهولة، وسواء في هذا العرب الذين كانوا يعيشون في الصحراء، مثل: نجد وأطراف الحجاز, والعرب الذين أخذوا بشيء من الحضارة، الذين يقطنون المدن كمكة والمدينة، أو في أطراف شبه الجزيرة العربية، كممالك اليمن في الجنوب ومملكة الحيرة في الشمال الشرقي، ودولة الغساسنة في الشمال الغربي.

وكان لكل قبيلة عرف وتقاليد خاصة قد تخالف ما للقبائل الأخرى من أعراف وتقاليد, وقد تتفق معها في كثير أو قليل٤.


١ الكهانة والعراف: مطالعة الغيب، والإخبار بالحوادث الماضية والآتية، وقد يخص بعض العلماء الكاهن بعلم المستقبل، والعراف بعلم الماضي، وكانوا يزعمون أن لهم أتباعا من الجن يسترقون السمع ويأتونهم بالأخبار، فاشتد اعتقاد العرب في الجاهلية فيهم، وكثر التجاؤهم إليهم، يستشيرونهم في المعضلات، ويستقضونهم في الخصومات.
ويرى البعض أن كلا من لقب الكاهن والعراف كان يطلق على الذين يخبرون عن الماضي والحاضر والمستقبل، بما يدعون لأنفسهم من الاتصال بالقوى غير المنظورة، ولكن لقب الكاهن اختص بطبقة تميزت بأنها كانت تلقي أجوبتها بأسلوب خاص هو أسلوب "السجع" ومن هنا اشتهر قولهم: "سجع الكهان"، تاريخ الأدب العربي للأستاذ أحمد حسن الزيات، ص١٢، وعبقرية الإسلام في أصول الحكم، ص٣٣٤.
٢ فجر الإسلام، للأستاذ أحمد أمين، ص٢٢٥، ٢٢٦.
٣ الإسلام والحضارة العربية، للأستاذ محمد كرد علي، ج١، ص١٥٣، نقلا عن: تاريخ المسلمين في أسبانيا، للأستاذ دوري.
٤ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، للدكتور أحمد شلبي، ج١، ص٤٤.

<<  <   >  >>