للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهادة الصبيان.

١١- أن لا تكون شهادة الصبيان بأن كبيرا قتل الصغير، أو بأن صغيرا قتل كبيرا، فإن شهدوا بأن كبيرا هو الذي قتل الصغير، أو أن صغيرا قتل الكبير لم تقبل شهادتهم، فلا بد من شهادة بعضهم لبعض على بعض.

١٢- أن لا يكون الشاهد منهم مشهورا بالكذب.

١٣- أن يكون الشاهد من جملة الصبيان المجتمعين، فإن كان صبيا مر عليهم لا تقبل شهادته.

إذا رجع الصبيان عن شهادتهم:

صرح المالكية بأنه لا يقدح في شهادة الصبيان إذا تحققت الشروط المذكورة رجوعهم عن شهادتهم قبل الحكم أو بعده، ولا تجريحهم من غيرهم أو من بعضهم لبعض، إلا التجريح بالكذب في المجرب به.

وبقي أن نقول: إن المالكية بينوا أنهم إذا قالوا بجواز شهادة الصبيان في القتل فإن غير واحد من فقهائهم قال إنه لا تقبل في القتل حتى يشهد العدول على رؤية البدن مقتولا، وعلى هذا فلو شهدوا بأن ابن فلان قتل ابن فلان، ورماه في البحر لم تقبل شهادتهم١.

الشرط الرابع من شروط الشهادة: العدالة

الأئمة الأربعة أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، متفقون على وجوب العدالة في الشاهد؛ لأن الفاسق إذا لم ينزجر عن غير الكذب من محظورات دينه فقد لا يتزجر عنه أيضًا، فكان متهما بالكذب٢. لكن الخلاف في أمرين:

أحدهما: هل يجب السؤال عن عدالة الشاهد من عدمها أم يكتفى بعدالته الظاهرة؟

والثاني: إذا قضى القاضي بشهادة الفاسق، هل يصح هذا القضاء أم لا؟

الشافعي وغيره يرون أنه لا يصح القضاء بشهادة الفاسق، فلا تقبل الشهادة من الفاسق، لقول الله تبارك وتعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ٣، وقوله عز وجل: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} ٤. وقوله عز وجل: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} ٥، والفاسق ليس بمرضي؛ ولأن القاضي يحكم بقول الشاهد وينفذه في حق الغير، فيجب أن يكون قوله مؤديا إلى أن يغلب على ظن القاضي صدق الشاهد، ولا يكون ذلك إلا بالعدالة٦.

وقد سبق بيان معنى العدالة عند الكلام عن شروط القاضي.


١ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج٤، ص١٨٣.
٢ شرح العناية على الهداية، مطبوع مع فتح القدير، ج٧، ص٣٩٧.
٣ سورة الحجرات، الآية رقم: ٦.
٤ سورة الطلاق، الآية رقم: ٢.
٥ سورة البقرة، الآية رقم: ٢٨٢.
٦ الاختيار لتعليل المختار، لعبد الله بن محمود بن مودود، ج٢، ص١٦، مطابع الشعب.

<<  <   >  >>