للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: الناس يختلفون في أسباب الجرح، كما اختلفوا مثلا في شارب النبيذ، وعلى هذا فالواجب أن لا يقبل مجرد الجرح بدون تفسير، لاحتمال أنه يجرحه بشيء لا يراه القاضي جرحا.

ثانيا: الأصل في المسلمين العدالة، والجرح ينقل الشخص عن هذا الأصل، فلا بد من معرفة الشيء الذي أدى إلى نقله عن هذا الأصل، لاحتمال أن الجارح يعتقد نقله عن أصل العدالة بشيء لا يراه القاضي ناقلا عن هذا الأصل١.

هل يقبل الجروح والتعديل من النساء:

للعلماء أيضًا رأيان في هذه المسألة:

أحدهما: يقبل الجرح والتعديل من النساء، وهذا ما يراه أبو حنيفة.

الثاني: لا يقبل الجرح والتعديل منهن، وهو ما يراه الشافعية والحنابلة.

وقد استدل للرأي الأول بأن الجرح والتعديل لا يعتبر فيه لفظ الشهادة فأشبه رواية الحديث، وكما أنه تقبل الرواية من المرأة فكذلك الجرح والتعديل يقبلان منها.

واستدل الرأي الثاني بأن الجرح والتعديل شهادة فيما ليس بمال ولا المقصود منه المال، ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فأشبه الشهادة في القصاص، وكما أنه لا تقبل شهادة النساء في القصاص، فكذلك هنا.

ولم يسلم أصحاب هذا الرأي بقول أصحاب الرأي الأول أن الجرح والتعديل لا يعتبر فيه لفظ الشهادة، وأوجبوا لفظ الشهادة فيه٢.


١ المغني، ج١١، ص٤٢٤.
٢ المغني، ج١١، ص٤٢٥.

<<  <   >  >>