للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرط السابع: كونه غير متهم بتهمة ترد شهادته:

فلا تقبل شهادة المتهم، لقول الله تبارك وتعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} ١، والريبة حاصلة في المتهم، ولما روى الحاكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تجوز شهادة ذي الظنة، ولا ذي الحنة".

ومعنى الظنة -بكسر الظاء وتشديد النون- التهمة٢، ومعنى الحنة -بكسر الحاء وفتح النون بلا تشديد: العداوة.

وقد بيّن العلماء أن أصل رد الشهادة ومبناه التهمة؛ لأنها خبر يحتمل الصدق والكذب، وإنما تحصل الحجة بهذا الخبر بترجيح جانب الصدق فيه على جانب الكذب، وبوجود التهمة أي: الشك والريبة لا يترجح جانب الصدق، كما بيّن العلماء أن التهمة قد تكون لمعنى في الشاهد كما لو كان فاسقا، فإن من لم ينزجر عن غير الكذب من المحرمات فقد لا ينزجر عن الكذب أيضا, فكان متهما بالكذب، وقد تكون التهمة لمعنى في المشهود له من قرابة يتهم بها بإيثار المشهود له على المشهود عليه، وقد تكون لخلل في أداء التمييز كالعجمي المفضي إلى تهمة الغلط في الشهادة٣.

ومعنى التهمة أن يجر بشهادته نفعا إلى نفسه أو إلى من لا تقبل شهادته له، أو يدفع عنها أو عمن ذكر ضررا٤، هذا، وسنتكلم عن حكم شهادة الأب لابنه، والابن لأبيه، وشهادة أحد الزوجين للآخر، وشهادة الأخ لأخيه، وشهادة العدو على عدوه.


١ سورة البقرة، الآية رقم: ٢٨٢.
٢ التهمة بضم التاء وفتح الهاء.
٣ العناية على الهداية، للبابرتي، ج٧، ص٣٩٧.
٤ نهاية المحتاج، للرملي، ج٨، ص٣٠٠.

<<  <   >  >>