للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ١.

فكان هذا النص الكريم على عمومه إلا الأمور التي جاء دليل خاص يخصصها.

ولا يشترط عند اشتراك رجل وامرأتين في الشهادة أن تتقدم شهادة الرجل على المرأتين، فتصح الشهادة سواء تقدمت شهادته على المرأتين أو تأخرت، بل ولا يشترط العجز عن شهادة رجلين، فسواء أكان من المقدور شهادة رجلين أم كان من غير المقدور فإن شهادة المرأتين مع الرجل صحيحة٢.

هذا، وقد بين الله عز وجل سبب كون شهادة المرأتين تقومان مقام شهادة رجل، وهو أن إحدى المرأتين الشاهدتين قد تنسى فتذكرها المرأة الأخرى، ومعنى هذا أن المرأة بطبيعتها معرضة للنسيان أكثر من الرجل، ولعل ذلك راجع إلى ما يعتريها من أمور طبيعية كالحيض والنفاس، والحمل، مما قد يؤثر على قوة حافظتها، فينسيها بعض الوقائع، فإذا كان امرأتان في الشهادة فإن إحداهما تذكر الأخرى إذا


١ سورة البقرة الآية رقم: ٢٨٢، وقد يسأل سائل: لماذا لم يكتف بامرأة واحدة مع رجل، فيذكرها الرجل الذي معها إذا نسيت، فما الحكمة فيه؟
أجاب عن هذا ابن العربي الفقيه المالكي والمفسر المشهور بقوله: "إن الله سبحانه شرع ما أراد، وهو أعلم بالحكمة، وأوفى بالمصلحة، وليس يلزم أن يعلم الخلق وجوه الحكمة وأنواع المصالح في الأحكام، وقد أشار علماؤنا أنه لو ذكرها إذا نسيت لكانت شهادة واحدة، فإذا كانت امرأتين وذكرت إحداهما الأخرى كانت شهادتهما شهادة رجل واحد، كالرجل يستذكر في نفسه فيتذكر".
٢ كفاية الأخيار، ج٢، ص٢٨٠.

<<  <   >  >>