للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وامرأتان كذلك، أو أربع نسوة كذلك، ويقبل في كل ذلك حاشا الحدود رجل واحد عدل وامرأتان كذلك مع يمين الطالب"١.

واستند ابن حزم في رأيه إلى ظاهر الآية الكريمة: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} .

وقد بين الشوكاني وغيره أن حديث الزهري الذي استند إليه الجمهور ضعيف، فقد أخرج قول الزهري المذكور ابن أبي شيبة، بإسناد فيه الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف، بجانب أن الحديث مرسل لا تقوم بمثله الحجة٢.

وقال ابن حزم في تضعيفه، لهذا الحديث: "وأما الخبر من قول الزهري: مضت السنة من النبي -صلى الله عليه وسلم، ومن أبي بكر، وعمر أنه لا تجوز شهادة النساء في الطلاق، ولا في النكاح، ولا في الحدود فبلية؛ لأنه منقطع من طريق إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف عن الحجاج بن أرطأة، وهو هالك"٣، ولهذا فإن الشوكاني يرى أن حديث الزهري لا يصلح مخصصا للعموم المستفاد من القرآن باعتبار ما دخل تحت نصه وهو الطلاق والنكاح، والحدود، فضلا عما لم يدخل تحت نصه، بل ألحق بطريق القياس وهو القصاص.

ومراد الشوكاني من العموم المستفاد من القرآن هو ما يستفاد من قول الله تبارك وتعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ٤، ولهذا فلا مانع عند الشوكاني أن يشهد رجل وامرأتان في قضية من قضايا القصاص٥.


١ المحلى، لابن حزم، ج٩، ص٣٩٥، ٣٩٦.
٢ نيل الأوطار، للشوكاني، ج٧، ص١٨٣، وكفاية الأخيار، ج٢، ص٢٨١.
٣ المحلى، لابن حزم، ج٩، ص٤٠٣.
٤ سورة البقرة، الآية رقم ٢٨٢.
٥ نيل الأوطار، ج٧، ص١٨٣.

<<  <   >  >>