للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مالك، وابن القاسم، وابن وهب: يقبل فيها شهادة شاهد وامرأتين، وقال أشهب وابن الماجشون: لا يقبل فيها إلا رجلان.

خامسا: حقوق الأبدان التي لا يطلع عليها الرجال غالبا بل نادرا، ويختص النساء بمعرفتها في الغالب. مثل: الولادة، والحيض، والعدة، والبكارة والثيوبة، واستهلال المولود، وعيوب النساء تحت الثياب، كالرتق، والقرن، والرضاع من الثدي وكذا عيوب النساء في الأجزاء التي تعد من عورة المرأة كالبرص وغيره، تقبل فيها شهادة النساء منفردات، أي: ليس معهن رجل.

وقد استدل لشهادة النساء منفردات في هذه الأمور بقول الزهري: "مضت السنة بأن تجوز شهادة النساء في كل شيء لا يليه غيرهن، رواه عبد الرازق عن الزهري بمعناه؛ وأيضًا فلأن الرجال لا يطلعون على ذلك في الغالب، فلو لم تقبل شهادة النساء في هذه الأمور لأدى ذلك إلى تعذر إثباتها١.

ولم يختلف العلماء إلا في الرضاع والاستهلال، فيرى أبو حنيفة عدم قبول شهادتين إلا مع الرجال؛ لأن الرضاع عنده من حقوق الأبدان التي يطلع عليها الرجال والنساء، فكما يطلع عليه النساء يجوز أن يطلع عليه محارم المرأة من الرجال، فلا توجد الضرورة إلى شهادتهن منفردات؛ ولأن الحرمة متى ثبتت ترتب عليها زوال الملك في الزواج، وإبطال الملك لا يثبت إلا بشهادة الرجال.

وكذلك يرى أبو حنيفة أنه لا تقبل شهادتهن منفردات في استهلال المولود؛ لأن ذلك مما يطلع عليه الرجال فإن الاستهلال صوت يكون عقيب الولادة، ويحل للرجال سماع هذا الصوت٢.


١ كفاية الأخيار، ج٢، ص٢٨١.
٢ الاختيار لتعليل المختار ج٢، ص١٩٦.

<<  <   >  >>