للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهر فقط هو الذي فات على الزوج.

وأما الرأي الأول -وهو الأقوى عند الشافعية- فقد نظر إلى بدل ما فوته الشهود على الزوج؛ لأن النظر في الإتلاف إلى الشيء الذي أتلف١.

إذا رجع الشهود ضمنوا المال:

إذا شهد شاهدان بمال، فقضى به القاضي، وأخذه المدعي، ثم رجع الشاهدان في شهادتهما، ضمناه للمشهود عليه، لوجوب التسبب على وجه التعدي وهذا يوجب الضمان.

فإن رجع أحد الشاهدين فقط ضمن نصف المال المحكوم به، ولو كان الشهود ثلاثة فرجع واحد منهم فقط فلا شيء عليه؛ لأن شهادة الاثنين الباقيين على شهادتهما يثبت بها جميع الحق، فإن رجع واحد آخر ضمنا نصف المال.

وإن كان الشهود رجلا وامرأتين فرجعت واحدة فعليها ربع المال، وإن


١ هنا يمن أن يعترض على الشافعية بأنهم قالوا في مسألة مشابهة بحكم مخالف للرأي القوي عندهم في مسألة رجوع الشهود في الطلاق البائن وما ماثله، فلو كان رجل متزوجا من امرأة بالغة وعقد أيضا على طفلة صغيرة في سن الرضاع، فإن هذا العقد صحيح لكن لا يتمتع بها إلا إذا بلغت سنا تصلح فيه للاستمتاع، فلو حدث أن أرضعت زوجته الكبيرة زوجته الصغيرة فإنه يلزم الكبيرة نصف مهر المثل فقط، فلماذا لم يقل الشافعية بأن الأصح في مسألة رجوع الشهود وجوب نصف مهر المثل فقط وليس مهر المثل كاملا؟
وقد أجاب الشافعية عن هذا الاعتراض بأن فرقة الرضاع حقيقة، فلا توجب إلا النصف كالمفارقة بالطلاق، أما في مسألة رجوع الشهود فإن الزواج باق في رأي الزوج والشهود، لكن الشهود بشهادتهم قد حالوا بين الزوج والبضع، فلزم أن يغرموا قيمته، كالغاصب الذي حال بين المالك والشيء المغصوب.
مغني المحتاج، ج٤، ص٤٥٨.

<<  <   >  >>