للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم١.

ويرى الأوزاعي أنه عند تعارض البينتين تقسم العين بحسب عدد الشهود فإذا شهد شاهدان لأحدهما، وشهد للآخر أربعة قسمت العين المتنازع عليها أثلاثا. فأما القائلون بالترجيح بكثرة العدد أو اشتهار العدالة فقد علل لرأيهم بما يأتي:

أولا: القياس على الرواية في الحديث، فلو تعارض حديثان فأحد الحديثين يرجح بذلك، فكذلك الشهادة؛ لأن كلا منها خبر.

ثانيا: أن الشهادة إنما شرعت؛ لأنها تحقق غلبة الظن بالمشهود به، وإذا كثر العدد أو قويت العدالة كان الظن أقوى.

وأما الأوزاعي، فقد علل لما يراه بأن الشهادة سببب الاستحقاق فيوزع الحق عليها.

وأما القائلون بأنه لا ترجيح بكثرة العدد، ولا اشتهار العدالة فقد علل لرأيهم بأن الشهادة مقدرة بالشرع فلها نصاب معين، فلا تختلف بالزيادة، وأما الرواية فلا ضبط فيها، ولذلك كان العمل فيها بأرجح الظنين فيصح فيها الترجيح بالزيادة٢.

لو شهد لأحد المدعيين رجلان وشهد للآخر رجل وامرأتان:

لو كان لأحد المدعيين شاهدان رجلان، وللمدعي الآخر رجل وامرأتان في قضايا الأموال فيرى المالكية ترجيح جانب الشاهدين الرجلين٣.

والمذهب في الفقه الشافعي أنه لا ترجيح للجانب الذي يشهد له الرجلان لقيام الحجة بكل من البينتين.

ويوجد قول للشافعي يرجح الجانب الذي يشهد له الرجلان، وعلل لهذا الرأي بزيادة الوثوق بشهادة الرجلين، ولذلك يثبت بشهادة رجلين أمور لا تثبت برجل وامرأتين.

وصرح ابن قدامة أيضًا من فقهاء الحنابلة بأنه لا ترجح شهادة الرجلين على شهادة الرجل والمرأتين في الأموال؛ لأن كل واحد من البينتين حجة في الأموال فإذا اجتمعتا تعارضتا٤.


١ الشرح الصغير للدردير، مع حاشية الصاوي، ج٤، ص٣٠٦.
٢ تبصرة الحكام، ج١، ص٣٠٩. والمغني ج٩، ص٢٨٢، ٢٨٣.
٣ الشرح الصغير، ج٤، ص٣٠٦، وتبصرة الحكام، ج١، ص٣١٠.
٤ مغني المحتاج، ج٤، ص٤٨٢، والمغني ج٩، ص٢٨٣.

<<  <   >  >>