للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلحقه مشقة ظاهرة لو أدى الشهادة، أو كان غائبًا١، أو كانت المرأة مخدرة، كما قال الحنفية، أي: لا تخالط الرجال.

الشرط الثاني: أن يسمى الشهود الأصول، حتى يعرف القاضي عدالتهم، ويتمكن الخصم من تجريحهم إن عرف ما يجرحهم٢.

هل يجوز أخذ الأجرة على الشهادة:

بيّن فقهاء الشافعية أنه لا يجوز أخذ الأجرة لمن تعينت عليه الشهاد٣، وأما من لم تتعين عليه فيحتمل رأيين عندهم.

وأما الحنابلة فيرون أن من عنده ما يكفيه ليس له أن يأخذ أجرا على أداء الشهادة، معللين لهذا الرأي بأن أداء الشهادة، أداء فرض، فإن الشهادة مع أنها


١ يقدر الحنفية الغيبة المعتبرة هنا بمسيرة ثلاثة أيام ولياليها فصاعدا، بالدواب وقد عللوا لهذا بأن المعجز عن أداء الشهادة من الأصيل بعد المسافة، فقدروها بمسافة اعتبرها الشرع بعيدة فأثبت رخصا عندها، كالفظر في رمضان، وقصر الصلاة الرباعية، وامتداد مسح الخف، وعدم وجوب الجمعة، وحرمة خروج المرأة بلا محرم أو زوج، وغير ذلك، وروي عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة أنه إن كان الشاهد الأصيل في مكان لا يستطيع أن يبيت في أهله لو غدا لأداء الشهادة فإن شهادة الفرع تصح، إحياء لحقوق الناس، وقد علق الحنفية على الرأي الأول بأنه الأحسن؛ لأن العجز شرعا يتحقق به، وعلقوا على رأي أبي يوسف بأنه أرفق، لإحياء حقوق الناس، وتوجد رواية أيضًا عن أبي يوسف ومحمد أن شهادة الفرع تقبل وإن كانوا في المصر؛ لأنه ينقل قول الأصل فكان كنقل إقراره.
فتح القدير، وشرح العناية على الهداية، ج٧، ص٤٦٨، ٤٦٩. ومعين الحكام للطرابلسي ص١١١.
٢ مغني المحتاج، ج٤، ص٤٥٢ وما بعدها.
٣ تتعين الشهادة كما لو كان شخصان قد شهدا عقدا، أو على دين مثلا، واحتاج القضاء إلى شهادتيهما، وأما لو كان الشهود أكثر من المطلوب فلا تتعين الشهادة، بل تصير فرض كفاية.

<<  <   >  >>