للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل يحلف النساء والصبيان؟

االصبيان فقد اتفق العلماء على أنهم لا يحلفون، سواء أكانوا من الأولياء أم كانوا من المدعى عليهم؛ لأن الأيمان حجة للحالف، والصبي لا يثبت بقوله حجة، ولو أقر على نفسه لم يقبل فقوله في حق غيره لا يقبل من باب أولى.

وأما النساء فإذا كن من أهل القتيل لم يستحلفن، وهذا ما يراه ربيعة، والثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي، والحنابلة.

ويرى مالك أن النساء تستحلف في قسامة القتل الخطأ دون القتل العمد، ويرى الشافعي أن يحلف كل وارث بالغ، سواء كان رجلا أو امرأة؛ لأنها يمين في دعوى، فتشرع في حق النساء كسائر الأيمان.

الاستدلال لعدم استحلاف النساء:

استدل لهذا الرأي بما يأتي:

أولا: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "يقسم خمسون رجلا منكم وتستحقون دم صاحبكم".

ثانيا: الأيمان هنا حجة يثبت بها قتل العمد، فلا يصح سماعها من النساء، قياسا على الشهادة منهن في القتل١.

إن كان في الأولياء صبيان ورجال:

إن كان في الأولياء صبيان ورجال بالغون، أو كان فيهم حاضرون وغائبون، فلا تثبت القسامة حتى يبلغ الصبي في قول لبعض فقهاء الحنابلة؛ لأن الحق لا يثبت إلا ببينته الكاملة، والبينة هنا أيمان الأولياء كلهم، والأيمان لا تدخلها النيابة.

ويرى بعض الذين قالوا إن القسامة يستحق بها القصاص في القتل العمد، أن القتل إذا كان عمدا لم يقسم الكبير حتى يبلغ الصغير، ولا يقسم الحاضر حتى يقدم الغائب؛ لأن حلف الكبير الحاضر لا يفيد شيئًا في الحال.

وأما إذا كان القتل موجبا للمال، كالقتل الخطأ، وشبه العمد٢، حاضر المكلف أن يحلف ويستحق قسطه من الدية.

وهذا ما يراه بعض فقهاء الحنابلة، وهو أيضًا مذهب الشافعي، مع ملاحظة أن الشافعي من العلماء القائلين بأن القسامة يستحق بها الدية فقط، كما سبق أن بينا ذلك عند كلامنا عما يجب بالقسامة٣


١ المصدر السابق، ج٨، ص٨٠.
٢ القتل شبه العمد هو الضرب بما لا يقتل غالبا كالعصا الصغيرة، ونحوها.
٣ المغني، ج٨، ص٨٠، ٨١.

<<  <   >  >>