للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أصحاب مالك محتجين لهذا الرأي إنه لو شرطنا الشهادة وأبطلنا قول المجروح أدى هذا إلى إبطال الدماء غالبا، وقالوا: ولأنها حالة يتحرى فيها المجروح الصدق ويتجنب الكذب والمعاصي، ويتزود بالبر والتقوى، فوجب قبول قوله.

الثانية: اللوث١ من غير بينة على معاينة القتل.

وبهذا قال مالك، والليث بن سعد، والشافعي، ومن اللوث أن لا يوجد إلا شاهد واحد عدل، وكذلك شهادة جماعة لا تتحقق فيهم صفة العدالة.

الثالثة: إذا شهد عدلان بالجرح، فعاش المجروح بعده أياما، ثم مات قبل أن يفيق منه، قال مالك، والليث: هو لوث، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا قسامة هنا، بل يجب القصاص بشهادة العدلين.


١ اللوث بفتح اللام وسكون الواو، وقد فسره الحنفية بأنه العداوة، وفسره الشافعية بأنه قرينة حال توقع في القلب صدق المدعي بأن يغلب على الظن صدقه، بأ يكون هناك علامة القتل على واحد معين، كوجود بعض الدم على جسمه، أو ملابسه، أو ظاهر يشهد للمدعي من عداوة ظاهرة، أو وجد قتيل تفرق عنه جمع، كأن ازدحموا على بئر، أو على باب الكعبة، أو ازدحموا لرؤية لاعب يؤدي ألعابا سحرية في ميدان عام، أو تظاهرات في الشوارع بالأعداد الكبيرة، ثم تفرقوا عن قتيل، ولا يشترط هنا كونهم أعداء، أو شهادة رجل واحد عدل، فهذا أيضا لوث، أو شهادة جماعة غير عدول أن أهل هذا الموضع قتلوه.
ومعنى اللوث عند مالك كمعناه عند الشافعية.
ويرى أحمد بن حنبل في رواية عنه أن اللوث هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه، كما كان بين الأنصار ويهود خيبر، وما بين القبائل والأحياء وأهل القرى الذين بينهم الدماء والحروب، وما بين البغاة وأهل العدل، وما بين الشرطة واللصوص، وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغلب على الظن أنه قتله. وفي رواية ثانية عن أحمد أن اللوث ما يغلب على الظن صدق المدعي. مجمع الأنهر، ج٢، ص٦٧٨، والمغني، ج٨، ص٦٨.

<<  <   >  >>