للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيء على سبيل الظن، فلا تشمل ما تدل عليه على سبيل الشك أو الوهم١، مع أن القرينة قد تكون دلالتها على سبيل الشك، أو الوهم.

ومثال القرينة التي تفيد شكا وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في مكان مظلم ليلا، خال بعيد عن الناس، ولم ير أحد ما يدل على أنهما ارتكبا جريمة الزنا، ومثال القرينة التي تفيد وهما، ما لو سافر رجل مع من يحبها على طائرة، فمن الوهم احتمال ارتكابهما جريمة الزنا أثناء طيران الطائرة، حتى لو كان السفر ليلا ولمسافة طويلة جدا، ونوم جميع الركاب.

فالقرينة -إذن- قد تكون دلالتها في بعض الصور على سبيل الشك أو الوهم، والتعريف المذكور للقرينة قصر معناها على "الأمارة" والأمارة تدل على الشيء على سبيل الظن: لا على سبيل الشك أو الوهم، مع أن القرينة قد تدل على واحد من الأمور الثلاثة: الظن، والشك، والوهم، وعلى هذا فالتعريف غير جامع. والشرط في التعريف أن يكون جامعا مانعا، جامعا لكل أفراد المعرف، مانعا من دخول المعرف فيه، فإذا عرفنا الإنسان مثلا بأنه حيوان يتكلم العربية، فهذا تعريف غير جامع؛ لأن من أفراد الإنسان من لا يتكلم العربية ويتكلم الإنجليزية أو الفرنسية أو غيرهما، ولهذا فمن التعاريف الصحيحة أن نقول: الإنسان حيوان


١ الأمارة في اللغة العلامة، وزنا ومعنى، وأما في الاصطلاح، فهي التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول، كالسحاب بالنسبة إلى المطر، فإنه يلزم من العلم بالسحاب الظن بوجود المطر، وفرق العلماء بين الأمارة والعلامة، بأن العلامة هي ما لا ينفك عن الشيء، كوجود الألف واللام على الاسم، فمن علامات الاسم وجود الألف واللام، مثل: المدرسة، والمسجد، والقلم، وهكذا، والأمارة تنفك عن الشيء، كالسحاب بالنسبة للمطر، فقد يوجد السحاب ولا يوجد المطر، بعكس الألف واللام فكلما وجدت الألف واللام وجد الاسم. المصباح المنير، للفيومي، والتعريفات للجرجاني، ص٢٠.

<<  <   >  >>