للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال بهذه الآية الكريمة أنها أفادت الحكم بالأمارات؛ لأنه توصل بقد القميص إلى معرفة الصادق منهما من الكاذب، وما هذا إلا عمل بالأمارات وجعلها سببا للحكم، وهذا دليل على أنه يجوز أن يعمل بالقرينة ويعتمد عليها في الأحكام١.

قال ابن القيم: ذكر الله شهادة الشاهد ولم ينكرها، بل لم يعبه، بل حكاها مقرا لها.

وقد يعترض على الاستدلال بهذه الآية الكريمة بأن هذا في شريعة أخرى غير شريعتنا فلا يلزمنا، وقد أجيب عن هذا بأن كل ما أنزل الله علينا فإنما أنزله لفائدة فيه ومنفعة، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} ٢ فآية يوسف صلاة الله عليه وسلامه مقتدى بها معمول عليها، وقد اتفق العلماء على أن شرع من قبلنا يكون شرعا لنا إذا كان قد سيق بطريق يفيد استحسانه وعدم إنكاره، فهو في هذه الحالة يصبح من باب التقريرات, والآية التي معنا من هذا القبيل٣.

هذا، وقد اختلفت الروايات في الشاهد الذي قال: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ، فروي أنه طفل تكلم في المهد، قال السهيلي: وهو الصحيح للحديث الوارد فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وقال غيره: إنه رجل حكيم ذو عقل


١ من طرق الإثبات في الشريعة وفي القانون للدكتور أحمد عبد المنعم البهي، ص٧٦.
٢ سورة الأنعام، الآية رقم: ٩.
٣ من طرق الإثبات في الشريعة وفي القانون للدكتور أحمد عبد المنعم البهي، ص٨١.

<<  <   >  >>