وجه الاستدلال بهذا الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر برجم الذي أغاث المرأة بدون شهادة على الزنا أو الإقرار به، وإنما بناء على القرينة الظاهرة، وهي أنهم أدركوه يشتد هربا كما جاء في بعض الروايات أن القوم أخبروا أنهم أدركوه وهو يشتد، ففي سنن النسائي من حديث سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، أن امرأة وقع عليها في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد بمكروه على نفسها، فاستغاثت برجل مر عليها، وفر صاحبها، ثم مر عليها ذوو عدد فاستغاثت بهم، فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه، وسبقهم الآخر، فجاءوا به يقودونه إليها، فقال: أنا الذي أغثتك.
وقد ذهب الآخر، قال: فأتوا به النبي -صلى الله عليه وسلم، فأخبرته أنه الذي وقع عليها، وأخبر القوم أنهم أدركوه يشتد، فقال: إنما كنت أغثتها على صاحبها فأدركني هؤلاء فأخذوني، فقالت: كذب، هو الذي وقع علي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:"انطلقوا به فارجموه" فقام رجل من الناس، فقال: لا ترجموه وارجموني، فأنا الذي فعلت بها الفعل، فاعترف، فاجتمع ثلاثة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم، الذي وقع عليها، والذي أغاثها والمرأة، فقال:"أما أنت فقد غفر لك"، وقال للذي أغاثها قولا حسنا، فقال عمر: ارجم الذي اعترف بالزنا، فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"لأنه قد تاب إلى الله" ١.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر برجم الذي أغاث المرأة بدون شهادة تثبت زنا الرجل بالمرأة، أو حدوث إقرار منه، وإنما بناء على القرينة الظاهرة، وهي
١ إعلام الموقعين، لابن القيم، ج٣، ص٨، وقد استخلص ابن القيم من هذا الحديث سقوط الحد عن التائب.