للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا".

وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله تعالى عنها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه".

وفي الصحيحين عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم تكن لهما إلا دعواهما، فقال: "إنما أنا بشر, وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن ١ بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا، فإنما أقطع له قطعة من النار" ورواه أبو داود في السنن، وفيه: فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لك، فقال لهما النبي -صلى الله عليه وسلم: "أما ٢ إذ فعلتما ما فعلتما، فاقتسما وتوخيا الحق ٣، ثم استهما ٤، ثم تحالا".

فالسنة إذن قد جاءت بالقرعة، كما جاء بها القرآن الكريم، وفعلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قال البخاري في صحيحه: "ويذكر أن قوما


١ ألحن: أي: أفطن وأعرف، ويجوز أن يكون معناه: أفصح تعبيرا عنها وأظهر احتجاجا فربما جاء بعبارة تخيل إلى السامع أنه محق، وهو في الحقيقة مبطل، والأظهر أن يكون معناه أبلغ، كما في رواية في الصحيحين أي: أحسن إيرادا للكلام. نيل الأوطار، ج٥، ص٣٧٧.
٢ أما بتخفيف الميم، قال بعض العلماء: يحتمل أن تكون بمعنى حقا وكلمة إذ تفيد التعليل. نيل الأوطار، ج٥، ص٣٧٧.
٣ توخيا الحق، أي: اقصدا الحق فيما تصنعان من القسمة.
٤ استهما: أي: ليأخذ كل منكما ما تخرجه القرعة من القسمة ليتميز سهم كل واحد منكما عن الآخر.

<<  <   >  >>