للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلف علماؤنا -رضي الله تعالى عنهم- في قضاء القاضي بعلمه على عدة آراء نذكر ثلاثة منها:

أحدها: لا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه لا في الحدود ولا في غيرها، لا فيما علمه قبل توليته القضاء ولا بعده، وهذا ما يراه شريح، والشعبي، ومالك وأكثر أصحابه، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد، وهو قول للشافعي يعد غير قوي عند الشافعية، وهذا الرأي أيضًا ظاهر المذهب في فقه الحنابلة.

هذا، وقد نسب ابن قدامة -الفقيه الحنبلي المعروف- إلى محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة القول بأن القاضي لا يحكم بعلمه١، لكننا نجد الحنفية يصرحون في كتبهم بأن محمد بن الحسن يقول بأن القاضي له أن يحكم بعلمه في حقوق العباد، بل في الوقت الذي نرى فيه فقهاء الحنفية يحكون عن أبي حنيفة -رضي الله تعالى عنه- أنه يشترط لقضاء القاضي بعلمه في حقوق العباد أن يكون ذلك في زمن ولايته، ومحلها، نراهم ينقلون عن صاحبيه أبي يوسف ومحمد بن الحسن أنهما يريان صحة قضاء القاضي بعلمه قبل ولايته، وفي غير محلها٢، والحنفية أدرى بآراء أئمتهم.

والرأي الثاني: يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه، وهو ما يراه أبو ثور، وأبو يوسف والقول الراجح عند الشافعية للشافعي قال الربيع المرادي: كان الشافعي يرى القضاء بالعلم ولا يبوح به مخافة قضاة السوء، وقد حرر أصحاب الشافعي المذهب بأن القولين للشافعي في غير الحدود، وأما في الحدود فلا يجوز القضاء


١ المغني، ج١١، ص٤٠٠.
٢ الاختيار لتعليل المختار، ج٢، ص١٢١.

<<  <   >  >>