أحدهما ما يراه أبو حنيفة، وهو أن حكم القاضي إثبات الحكم المدعي وإنشاء له، فيجوز أن ينفذ فيها ظاهرا وباطنا، وربما عبر بعض الحنفية عن هذا بأن قضاء القاضي يغير الحكم عند الله.
الثاني: ما يراه جمهور العلماء، وهو أن لا ينفذ القضاء بشهادة شهود الزور باطنا، فحكم الحاكم -قاضيا أو غيره- لا يزيل الشيء عن صفته، فلا يحل حراما ولا يحرم حلالا، وربما عبروا عن هذا بأن قضاء القاضي لا يغير الأحكام الشرعية عن حقائقها الموضوعة عند الله تعالى، وبأن القضاء ينبني على الحجة، فإن كانت حجة حقيقية ظاهرا، وباطنا، نفذ الحكم ظاهرا وباطنا، وإن كانت حجة في الظاهر فقط لم ينفذ إلا في الظاهر فقط.
ومن الجمهور مالك والأوزاعي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وداود الظاهري، وغير هؤلاء، ووافق الجمهور في هذا الرأي من الحنفية أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر١.
فلو شهد شاهدان زورا بزواج رجل بامرأة وهي تنكر، فحكم القاضي بصحة هذا الزواج بشهادة هذين الشاهدين عملا بظاهر عدالتهما إذا كان القاضي لا يرى وجوب البحث عن العدالة في الشاهد بأن كان قاضيا حنفيا، أو كان قاضيا