للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شراج الحرة١، التي يسقوا بها النخل، فقال الأنصاري: سرح٢ الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للزبير: "اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك"، فغضب الأنصاري، ثم قال: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك٣. فتلون وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال الزبير: "اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر" ,٤ فقال الزبير: والله إني لا أحسب أن هذه الآية نزلت إلا في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .

وجه الاستدلال بالحديث: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى للزبير بعد أن أغضبه خصمه.

وكأن الجمهور جعلوا ذلك قرينة صرفت النهي الموجود في حديث: "لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان" من التحريم إلى الكراهة، لكن يمكن أن يجاب عن هذا بما قاله الشوكاني: "ولا يخفى أنه لا يصح إلحاق غيره -صلى الله عليه وسلم- به في مثل ذلك؛ لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضائه وغضبه


١ الشراج -بكسر الشين- هي مسايل النخل والشجر، مفردها شرجة، وإضافتها إلى الحرة لكونها فيها، والحرة: بفتح الحاء، هي أرض ذات حجارة سود.
٢ سرح الماء -بفتح السين وتشديد الراء المكسورة- أي: أرسله.
٣ أن كان ابن عمتك -بفتح الهمزة- لأنه استفهام للاستنكار أي: حكمت بهذا لكونه ابن عمتك، قال العلماء: وإنما ترك -صلى الله عليه وسلم- قتله بعد أن جاء في مقاله بما يدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- جار في الحكم لأجل القرابة؛ لأن ذلك كان في أوائل الإسلام، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتألف الناس إذ ذاك.
٤ الجدر -بفتح الجيم وسكون الدال- هو الجدار، والمراد به أصل الحائط.

<<  <   >  >>