للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثلوا للحكم المخالف للإجماع بحل متعة١ النساء٢ ونجد الدردير أحد أشهر فقهاء المالكية يقرر أن حكم القاضي ينقض إذا خالف إجماعا، أو نصا، أو قياسا جليا٣.


١ معنى المتعة الزواج المؤقت بأمد معلوم أو أمد مجهول، وسمي زواج المتعة؛ لأن المقصود منه مجرد التمتع لمدة معينة، وقد أجمع العلماء على أن زواج المتعة كان مباحا مدة, ثم نسخ حكم الإباحة فصارت محرمة, وشذت فرقة الإمامية إحدى فرق الشيعة الإمامية عن الإجماع, فقالوا بأن المتعة لا زالت مباحة.
٢ الاختيار لتعليل المختار، لعبد الله بن محمد بن مودود، ج٢، ص١٢٠، ومحمع الأنهر، ج٢، ص١٦٩.
٣ مثال الحكم المخالف للإجماع ما لو مات شخص وترك أخوة، وجدا فحكم القاضي بأن الميراث كله للأخوة دون الجد، فهذا الحكم مخالف للإجماع؛ لأن علماء الأمة الإسلامية على رأيين: رأي يقول بأن الجد يحجب الأخوة في الميراث كما يحجبهم الأب، فيكون الميراث كله للجد، ورأي يقول بأن الجد يقاسم الأخوة، أما حرمان الجد من في الميراث بالكلية فلم يقل به أحد من العلماء فمتى حكم بهذا قاض بناء على أن الأخ يدلي بالبنوة والجد يدلي بالأبوة، والبنوة مقدمة على الأبوة وجب نقض هذا الحكم، ولو كان من قال بهذا مفتيا لم يجز تقليده.
ومعنى القياس الجلي هو ما قطع فيه بنفي تأثير الفارق بين المقيس والمقيس عليه، أو ببعد تأثيره، فالأول هو قياس كقياس الضرب على التأفيف للوالدين، الذي ورد تحريمه في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} بجامع الإيذاء والثاني قياس المساوي، كقياس إحراق مال اليتيم على أكله، فإن الفارق بين الضرب والتأفيف وهو أن الضرب إيذاء بالفعل والتأفيف إيذاء بالقول، لا يؤثر في الحكم وهو حرمة الضرب أي: لا ينفيها، والفارق بين الإحراق والأكل وهو أن الأول إتلاف بلا فائدة بخلاف الثاني بعيد، فلا ينفي الحرمة، فلو حكم قاض بعدم تعزير من ضرب أباه لكون الضرب ليس حراما بطل حكمه، وكذلك لو حكم بعدم تعزير من أحرق مال يتيم لكون الإحراق ليس حراما بطل حكمه، وأما القياس الأدون فهو القياس الخفي، كقياس الذرة أو الأرز على القمح في باب الربا بجامع الطعم فإن الفارق موجود وهو كثرة الاقتيات في القمح دون الذرة والأرز فالقياس الجلي يشمل الأولى والمساوي كما صرح بذلك بعض علماء الشافعية في كتب الفقه والأصول.
حاشية الشرقاوي على التحرير، ج٢، ص٤٩٥. مطبعة دار إحياء الكتب العربية وحاشية الجمل على شرح المنهج، ج٥، ص٣٥١.

<<  <   >  >>