للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختصاص القاضي لا الحكم، فلا يجوز عند هذا البعض التحكيم في فسخ الزواج ولا في إثبات الرشد، أو ضده وهو السفه "أي: عدم إحسان التصرف في الأموال" لشخص من الأشخاص، ولا يجوز في أمر الغائب مما يتعلق بماله، وزجته، وحياته وموته، ولا يجوز في الحبس، ولا في عقد مما يتعلق بصحته وفساده.

وقرر المالكية أن كل الأمور التي لا يجوز التحكيم فيها إذا حدث فيها تحكيم، وكان حكم المحكم صوابا فإنه يمضي، وليس لأحد الخصمين، ولا للقاضي حق نقضه؛ لأن حكم الحكم عندهم يرفع الخلاف كحكم القاضي, ولكن إذا نفذ الحكم، فإن الحاكم يؤدب المحكم؛ لأنه افتات على رئيس الدولة -إذا كان حكمه شرعيا- وعلى نوابه، وأما إذا حكم ولم ينفذ ما حكم به فلا أدب عليه، كما لو كان قد حكم بقتل، فعفى عن المحكوم عليه١. وبين المالكية أن الأمور التي تختص برئيس الدولة كالإقطاعات إذا حكم فيها المحكم لا ينفذ حكمه.

عند الشافعية:

وأما الشافعية فعلى الرأي القوي عندهم يجوز التحكيم في القصاص, ويوجد رأي غير قوي عندهم يقول بأن التحكيم لا يجوز إلا فيما دون القصاص والزواج، ونحوهما كاللعان وحد القذف٢.

عند الحنابلة:

يرى بعض فقهاء الحنابلة أنه ينفذ حكم المحكم في جميع الأحكام إلا في أربعة أشياء: الزواج، واللعان، والقذف، والقصاص، وقال أبو الخطاب من فقهاء الحنابلة: ظاهر كلام أحمد أنه ينفذ حكمه في هذه الأربعة٣.

وصرح صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة بأن حكمه ينفذ في كل الأمور من مال، أو قصاص، أو حد، أو زواج، أو لعان، أو غيرها٤ وكذلك يرى الشيعة الإمامية أن حكم المحكم ينفذ في كل الأمور٥.


١ الشرح الكبير، وحاشية الدسوقي عليه، ج٤، ص١٣٦، والشرح الصغير، للدردير، ج٤، ص١٩٨-٢٠٠.
٢ نهاية المحتاج، ج٨، ص٢٤٣.
٣ المغني، ج٩، ص١٠٨.
٤ كشاف القناع عن متن الإقناع، لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ج٦، ص٣٠٣، مطبعة الحكومة السعودية.
٥ شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، للمحقق الحلي جعفر بن الحسن، ج٤، ص٦٨، تحقيق عبد الحسين محمد علي.. منشورات، دار الأضواء، بيروت.

<<  <   >  >>