إلا أنه قد تنشأ مشكلة أخرى في هذه البلاد، هي أنه قد يحتاج الحكم الذي حكم به المحكم إلى توثيق حكومي، وأرى أنه في هذه الحالة -بعد حكم المحكم- يلجأ طرفا النزاع إلى القاضي غير المسلم في هذه البلاد بوصفه جهة توثيق حكومية لا جهة قضاء، ما دام أن هذا لا بد منه في هذه البلاد، فإذا حكم القاضي غير المسلم بنفس الحكم الذي حكم به المحكم الذي اختاراه ليحكم بينهما قبل ذلك فلا مشكلة، وتتخذ إجراءات التوثيق الحكومي بعد هذا الحكم الذي قضى به القاضي غير المسلم، واتفق مع الحكم الذي حكم به المحكم، وأما إذا اختلف الحكمان: حكم المحكم وحكم القاضي غير المسلم فلا ينفذ حكم القاضي غير المسلم، غير أنه إذا كان هذا الحكم الذي قضى به القاضي غير المسلم غير مناف لأحكام الشريعة الإسلامية، لكنه يحتاج إلى تنازل أحد طرفي النزاع عن بعض حقه الذي حكم له به المحكم قبل ذلك، فمن الممكن أن يتصالح الطرفان أمام المحكم الذي ارتضياه أولا، أو أمام محكم آخر، أو بينهما بدون تحكيم، نقول: من الممكن أن يتصالحا على فض النزاع بينهما على أساس هذا الحكم الذي قضى به القاضي غير المسلم، لا بوصفه حكما ملزما من القاضي غير المسلم، وإنما بوصفه صلحا يحل المشكلة حلا يتفق ونظام البلد الذي يقيمان فيه، وبشرط أن يتحقق الرضا التام من كل من طرفي النزاع.
ثم أما بعد, فنحب أن نختم مباحث المقدمة بالكلام عن حكم الإهداء للقاضي وجعل أجر للقاضي، هل يجوز أم لا.