للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظي١.

القضاء في اصطلاح فقهاء الشريعة:

يحسن بنا قبل أن نذكر تعريف القضاء في اصطلاح فقهاء الشريعة أن نذكر


١ المشترك إما أن يكون مشتركًا لفظيا، أو مشتركًا معنويا:
فأما المشترك اللفظي، فهو اللفظ الذي يتعدد وضعه ويتعدد معناه، مثل كلمة "عين"، فإنها موضوعة للباصرة، أي: العين التي نبصر بها، وموضوعة للجاسوس، وغيرها، ومثل كلمة "قرء" فإنها موضوعة للحيض والطهر.
وأما المشترك المعنوي، فهو اللفظ الذي وضعته العرب وضعا واحدا لمعنى كلي يشترك فيه أفراد كثيرة، وذلك مثل كلمة "موجود"، فإن العرب قد وضعتها لمفهوم عام، وهو المتصف بالوجود مطلقا، سواء أكان واجب الوجود، كذات الله تبارك وتعالى، فإن ذاته سبحانه واجبة الوجود، أم كان ممكن الوجود، كغير الله -عز وجل- من سائر مخلوقاته.
ويسمي العلماء هذا النوع من الألفاظ: مشتركا معنويا؛ لأن أفراده العديدة تشترك في معناه، بخلاف المشترك اللفظي.
وإذا وجدت كلمة "مشترك" في تعبير العلماء مطلقة غير مقيدة بأنها مشترك لفظي، أو معنوي، فإنها في هذه الحال تنصرف إلى المشترك اللفظي، فإذا قال العلماء عن لفظ ما، إنه مشترك، ولم يبينوا هل هو مشترك لفظي أو مشترك معنوي، فإننا نفهم من الإطلاق أنهم يريدون به المشترك اللفظي.
وأما إذا أريد به المشترك المعنوي، فلا بد من التقييد، فيقال: هذا اللفظ مشترك معنوي.
هذا، ويرى بعض العلماء أنه لا يوجد مشترك في اللغة، واحتجوا على رأيهم هذا بأن الغرض من وضع اللغة هو أن تتميز المعاني بالأسماء ليحصل بها الإفهام، فلو كان هناك لفظ واحد وضع لمعنى، ووضع لمعنى آخر خلاف هذا المعنى على طريق البدل، لما فهم أحد بهذا اللفظ أحد هذين المعنيين، وهذا يؤدي إلى انتقاض الغرض من المواضعة.
ولكن جماهير العلماء يرون وجود المشترك في اللغة، والحجة في هذا أنه لا يوجد ما يمنع عند بداية الوضع اللغوي أن تضع قبيلة من القبائل مثلا اسم "القرء" للحيض، وتضعه قبيلة أخرى للطهر، ويشيع استعمال ذلك بين الناس، ويخفى أن هذا الاسم قد وضع لهذين المعنيين من جهة قبيلتين، فيفهم من هذا اللفظ عند إطلاقه الحيض والطهر، على طريق البدل.
انظر: المعتمد لأبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري، الجزء الأول، ص٢٢، طبع المطبعة الكاثوليكية في بيروت، ١٩٦٤، وانظر: أصول الفقه الإسلامي للأستاذ زكي الدين شعبان، ص٣٤٧.

<<  <   >  >>