وإذا صحت عقيدة المسلم أخذ بشرائع القرآن في الفرائض والعبادات التي يراد بها صلاح الفرد، وهي في الوقت نفسه ذات علاقة وثيقة بصلاح المجتمع، وحسب المسلم في تربيته أن يقف بين يدي الله خمس مرات في اليوم الواحد لتمتزج حياته بشرع الله، ويتخيل الوازع الأعلى نصب عينيه ما بين كل صلاة وصلاة:
إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: ٤٥]. وناهيك بالزكاة التي تقتلع من النفس جذور الشح: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها .. [التوبة: ١٠٣]. والحج الذي يجمع المسلمين على صعيد واحد:
لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ [الحج: ٢٨] والقيام بهذه العبادات يربي المسلم على الشعور بالتبعة الفردية التي يقررها القرآن، وينوط بها كل تكليف من تكاليف الدين: كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ [الطور: ٢١].
ب- ومن تربية الفرد ينتقل القرآن إلى بناء الأسرة، لأنها نواة المجتمع، فشرع الزواج استجابة لغريزة الجنس، وإبقاء على النوع الإنساني في تناسل طاهر ونظيف، وأقام الروابط بينهما على أساس من الود والرحمة، ومراعاة خصائص كل من الرجل والمرأة: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم: ٢١].
ج- ثم يقرر نظام الحكم الذي يقوم على أساس الشورى والمساواة ومنع السيطرة وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ [الشورى: ٣٨]. رائده العدل: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء: ٥٨]. وطريقه العمل بشرع الله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة: ٤٩]. والعدول عن حكم الله كفر وفسوق وظلم: