ولعل ذلك راجع في عبد الله بن عباس، وابن مسعود، كذلك إلى طول العمر والصحبة، والمخالطة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعناية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهما في أمر القرآن الكريم، ومعرفة اللغة العربية، وحاجة الناس إلى التفسير. وابن عباس وإن لم تطل صحبته لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لكنه استعاض عن ذلك بملازمة كبار الصحابة يأخذ عنهم ويروي لهم.
وهناك من الصحابة من تكلّم في التفسير غير العشرة المذكورين، منهم أنس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله تعالى عنهم، ولكن ما نقل عنهم قليل جدا، ولم يكن لهم من الشهرة بالقول في القرآن ما كان للعشرة المذكورين.
[أولا: أشهر المفسرين من الصحابة: رضوان الله تعالى عليهم]
١ - عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه
[١ - التعريف به]
هو أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصهره على ابنته فاطمة، كان أول صبي أسلم على الإطلاق،
وكان يقول في ذلك ذاكرا فضل الله تعالى عليه: سبقتكم إلى الإسلام طرا صغيرا ما بلغت أوان حلمي.
وقد كرّم الله تعالى وجهه فلم يعبد الأوثان قط، وكان عمره حين أسلم تسع سنين، كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مكة، وأقام في بيته فترة، ونام على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الهجرة، حين همّت قريش بقتله صلّى الله عليه وسلّم، ليوهم قريشا أن رسول الله نائم على فراشه، وليرد الأمانات المودعة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أصحابها. ثم هاجر إلى المدينة المنورة، وحين آخى بين المهاجرين والأنصار جعل عليا أخاه،
وقال له:«أنت أخي في الدنيا والآخرة»«١».
(١) رواه الترمذي في المناقب (٣٧٢٠) والحاكم في المستدرك (٣/ ١٤).