ومن الناس من يعبّر عن احترامه للقرآن بتصرّف غريب، وهو أخذ الفأل من القرآن، فإن وجد آية تأمر بفعل شيء فعل، كأن يسافر أو يتزوج، وإن وجد آية تنهى عن فعل شيء، ترك الفعل، ويفهم أنه نهي عنه، وذكر فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين في كتاب «بلاغة القرآن» أنه حكى بعض المؤرخين أن بعض العلماء أراد السفر في البحر ففتح المصحف وقابله قول الله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ [الدخان: ٢٤] فترك السفر، وغرق المركب في البحر براكبيه. وهذا الذي حدث مجرّد مصادفة، والقرآن لم ينزله الله تعالى لأخذ الفأل منه، بل أنزله ليكون شفاء لما في الصدور.
ومن الناس من يستخير بالقرآن بطريقة أخرى، وهي أن يأخذ المصحف ويفتحه عفوا ثم ينظر إلى أولى سطر في الصحيفة الأولى، وبعضهم يعدّ سبع ورقات ثم سبعة أسطر ثم سبع كلمات، ثم يقرأ، فإن وجد آية تأمر بفعل شيء فعل، وإن وجد آية تنهى عن فعل شيء ترك الفعل، وهذه الاستخارة لا أصل لها في الشرع ولم تنقل عن أحد من الأئمة أو العلماء، وهي مبنية على المصادفة والمخاطرة، والقرآن إنما أنزل كتاب هداية كما ذكرنا من قبل.
وقد شرع النبيّ عليه الصلاة والسلام صلاة الاستخارة ودعاءها،
ففي البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: «إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب.
اللهمّ إن كنت تعلم أنّ هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي