من المعروف أن السعي بين الصفا والمروة جزء من شعائر الحج واجب الأداء، وعبارة (لا جناح) في الآية الكريمة لا تفيد الوجوب، وقد أشكل هذا على عروة بن الزبير فسأل خالته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فأفهمته أن نفي الجناح في الآية ليس نفيا للفرضية، إنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين- وهم في مطلع عصر
الإيمان- من أن السعي بين الصفا والمروة كان من عمل الجاهلية، فلقد كان على الصفا صنم يقال له: إساف، وكان على المروة صنم يقال له: نائلة، وكان المشركون في الجاهلية يسعون بين الصفا والمروة ويتمسحون بالصنمين. ولقد حطّم الصنمان بعد فتح مكة، لكن المسلمين تحرّجوا في الطواف بينهما فنزلت الآية «١».
[٤ - طريقة معرفة أسباب النزول]
إن الطريقة الوحيدة لمعرفة أسباب النزول مقصورة على النقل الصحيح، ولا يحل القول فيها إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها:
أ- فإن رويت أسباب النزول عن الصحابة فهي مقبولة، لأن أقوال الصحابة فيما لا مجال للاجتهاد فيه حكمها حكم المرفوع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومن البعيد كل البعد أن يكون الصحابي قد قال ذلك من تلقاء نفسه.
ب- وإن رويت أسباب النزول عن تابعي فحكمه أنه لا يقبل إلا إذا صحّ واعتضد بمرسل آخر، وكان الراوي له من أئمة التفسير الآخذين من الصحابة؛ كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير.
(١) رواه البخاري في الحج (١٥٦١) ومسلم في الحج (١٢٧٧).