عند بعض الكتّاب بين الترجمة المعنوية، والتفسير بغير لغة الأصل، وقد ذكر فضيلة الأستاذ محمد عبد العظيم الزرقاني فروقا أربعة «١»؛ لمنع وقوع أي اشتباه أو خلط في هذا الأمر، وهي:
[الفارق الأول]
أن صيغة الترجمة صيغة استقلالية يراعى فيها الاستغناء عن أصلها وحلولها محله، أما التفسير فإنه قائم أبدا على الارتباط بأصله، بأن يؤتى مثلا بالمفرد أو المركب، ثم يشرح شرحا متصلا به، ثم ينتقل إلى جزء آخر مفرد أو جملة، وهكذا من بداية التفسير إلى نهايته بحيث لا يمكن تجريد التفسير وقطع وشائج اتصاله بأصله مطلقا.
[الفارق الثاني]
أن الترجمة لا يجوز فيها الاستطراد، أما التفسير فيجوز بل يجب فيه الاستطراد. وذلك لأن الترجمة مفروض فيها أنها صورة مطابقة لأصلها حاكية له، فمن الأمانة أن تساويه بدقة من غير زيادة ولا نقص، حتى لو كان في الأصل خطأ لوجب أن يكون الخطأ عينه في الترجمة، بخلاف التفسير فإن المفروض فيه أنه بيان لأصله وتوضيح له. وقد يقتضي هذا البيان والإيضاح أن يذهب المفسر مذاهب شتى في الاستطراد توجيها لشرحه، أو تنويرا لمن يفسر لهم، ويظهر ذلك في شرح الألفاظ اللغوية، وخاصة إذا أريد بها غير ما وضعت له، وفي المواضع التي يتوقف فهمها على ذكر مصطلحات أو سوق أدلة أو بيان حكمة.
[الفارق الثالث]
أن الترجمة تتضمن- عرفا- دعوى الوفاء بجميع معاني الأصل ومقاصده، أما
(١) ونحن نسوق هذه الفروق هنا- استكمالا للبحث- باختصار وتصرف يسير من كتاب مناهل العرفان (٢: ١٠ - ١٣).