روى ابن كثير في تاريخه، عن أبي وائل شقيق بن سلمة: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسّرها، فجعلت أقول:
ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله، ولو سمعته فارس والروم لأسلمت.
قال إسحاق بن راهويه: إنما كان ذلك- أي كون ابن عباس أعلم من علم بالقرآن- أنه كان أخذ من علم التفسير، وضمّ إلى ذلك ما أخذه عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبيّ بن كعب وغيرهم من كبار الصحابة، مع دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له أن يعلمه الله الكتاب.
[٤ - رواية التفسير عنه]
لزم ابن عباس رضي الله تعالى عنهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنين قليلة، وأخذ عن كبار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وطال عمره، حتى أضحى أكثر من نقل عنه تفسير القرآن الكريم من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقد رويت أقواله في بيان القرآن الكريم وتفسيره، بطرق عديدة أشهرها طرق ثلاث:
أ- طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وهذه هي أجود الطرق عنه، وقد اعتمد عليها البخاري فيما يعلقه عن ابن عباس، وكثيرا ما يعتمد عليها ابن جرير وغيره.
ب- طريق قيس بن مسلم الكوفيّ، عن عطاء بن السائب، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهذه طريق صحيحة على شرط الشيخين، وكثيرا ما يخرج منها الحاكم في مستدركه.
ج- طريق ابن إسحاق- صاحب السيرة- عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهذه طريق جيدة وإسنادها حسن، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا.