للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مكرمات الأستاذ لطفي جمعه فقد هداه القلب الطيب إلى أنني رجل ينهاه الأدب والذوق عن الاستخفاف بأقدار الزملاء.

كانت المناظرة لا تحمل المعنى العلمي لها، وهي أن يحمل جانبا من الجانبين يعني أنه من أنصار هذا الرأي، وإنما الأمر أن يأخذ كل مناظر نصيبه من المناظرة ليعرض المتناظرين للجمهور، ولا يعني هذا الإيمان بالرأي ولذلك نعجب كيف قوبل زكي مبارك بالرزاية حينما تقدم لهذه المناظرة وأنه سمع من الذين حاوروه في المناظرة قول أحدهم إنه لا يستبيح ما لا يباح في تحقير الرأي الذي ارتضاه وهناك من أعلن عجبه أن يكون من موظفي وزارة المعارف من يحمل على الدعوة إلى الفوضى.

ويميل الأستاذ لطفي جمعه على أذني وهو يقول:

أهنئك على أن عرضت سمعتك للأراجيف في سبيل الحق. فأبتسم وأنتظر أن يصنع ما صنعت ليظفر بتهنئتي وينهض الخصم الشريف فيسلك في تحقيري جميع المسالك ويدعي أني فوضوي وأثيم وينهى الجمهور عن الانخداع بآرائي ويعلن عجبه من أن يكون لي كتاب اسمه التصوف الإسلامي في مجلدين كبيرين مع إني من أنصار الفوضى الاجتماعية ويقضي في تحامله ساعة وبعض ساعة وأنا مطرق أكاد أذوب من الخجل والحياء.

وأعود إلى نفسي فأندم على تعريض سمعتي لهذا الضيم البغيض، وأعرف أني أخطأت في قبول المناظرة مع الخصم الشريف، وأعاهد الله على اعتزال الناس إلى يوم الممات، ومن الذي يغريني بصحبة بني آدم ولم ألق منهم غير شجا الحلوق وقذى العيون.

وقد أقمت داري على حدود الصحراء لآنس بظلمات الليل ولأنسى إنني موصول الأواصر بهذا الخلق ولأناجي موات البادية حين أشاء.

<<  <   >  >>