[الأسلوب والمضمون: بين الرافعي وسلامة موسى وطه حسين]
...
الباب الأول: معارك الأسلوب والمضمون
الأسلوب والمضمون؛ بين الرافعي وسلامة موسى وطه حسين:
كانت معركة "المضمون" في الأدب من أبرز معارك الأدب بين معسكر المحافظين والمجددين، وقد تمثلت هذه المعركة في عدة مساجلات، بدأت بهذه المساجلة عام ١٩٢٥ في الهلال عندما كتب سلامة موسى عن أديب الفقاقيع يقصد أدب مصطفى صادق الرافعي. وقد دخل الرافعي المعركة وأعلن وجهة نظر، ثم كتب طه مهاجما للرافعي ولكن الرافعي لم يلبث أن تحول عن أسلوبه التقليدي إلى أسلوب وسط فيه محاسن الأسلوب القديم مع العناية بالمضمون.
أدب الفقاقيع؛ سلامة موسى ١:
أدباء الصنعة يكتبون وكل همهم محصور في تأليف استعارة خلابة أو مجاز جميل أو كتابة بارعة أو غير ذلك من الفقاقيع، فإذا أراد أحدهم أن يؤلف كتابا أو يضع مقالة لم يعن أقل عناية بالموضوع الذي يكتب فيه، وإنما يعمد إلى الفقاقيع فيؤلف منها عبارات خلابة فيتوبل بها إنشاءه أو يرصها رصًا أو كثيرا ما يعجز أمثاله عن تأليف عبارة من إنشائهم الخاص.
وهكذا يعيش كتاب الصنعة هذه الأيام بما خلفه لهم الأقدمون يتداولون الصيغ القديمة في الأداء ويجترونها اجترارًا كما تجتر البهيمة طعامها طوال حياتهم أو يقضون وقتهم في العبث واللهو بتأليف السجعات والاستعارات والتشبيهات، ولست أنكر أن لهذه الأشياء جمالا، ولكنه جمال الفقاقيع والزبد الذي يذهب جفاء عندما تسطو عليه أشعة الشمس أو تهفوا به الريح.
كتاب الصنعة يكرهون الفلسفة والعلوم. وقد قالها أحدهم "المنفلوطي"